news-22102024-211852

أين يمكن أن تجد مدينة أوروبية تجمع بين جمال أحيائها وعراقة تقاليدها وهدوء أجوائها؟ وأي مدينة يمكن أن تزور معالمها الأبرز مشيا، دون أن تحتاج إلى ركوب وسيلة نقل عمومي لتقطع بك مسافات طويلة.
تعرف بلقب “أصغر مدينة في العالم” بسبب طابعها المتعدد الثقافات، فنجد المعارض الفنية ومتاجر التحف وكاتدرائية سانت بيير التاريخية، فضلا عن المطاعم الصغيرة في ساحات البلدة القديمة النابضة بالحياة، رغم هدوء شوارعها التي تعود للقرون الوسطى.
اكتشف مدينة سويسرية مليئة بالمفاجآت والواقعة بين قمم جبال الألب ومزارع الكروم مع دليل السفر هذا، وانطلق في مغامرة لا تُنسى في جنيف!.
النافورة الأيقونة
وبعد شهرة جنيف في مجال الساعات والبنوك والشوكولاتة، تعد نافورة جنيف “جيت دو” أحد أشهر المعالم الأوروبية ونقطة الجذب السياحي الأبرز في قلب ميناء المدينة، ويصل ارتفاعها إلى 140 مترا، مما يجعلها من أطول النوافير بالعالم.
النافورة هي نقطة الجذب السياحي الأبرز في جنيف (الجزيرة)
وقد تم اختراع نافورة المياه عن طريق الصدفة تقريبا، وهي تجسد الطموح والديناميكية والسمعة الدولية لمدينة تحترم بيئتها. فمنذ عام 1891، أسهمت -في شكلها الأصلي وهو عبارة عن عجلة كبيرة- في إضفاء الحيوية على منطقة وسط جنيف، إذ جرى بناء النافورة في الأصل لتكون صماما لتخفيف الضغط على آلات صنع المجوهرات.
وفي عام 1886، اضطر المصنع الهيدروليكي -الذي قام بتوزيع القوة المحركة لنهر الرون على الحرفيين وصانعي الساعات في جنيف- إلى إطلاق المياه في الهواء الطلق جراء الضغط الزائد، وذلك عندما أغلقت ورش العمل أبوابها في المساء.
وهكذا أصبحت النافورة الأيقونة رمزا للمدينة بـ500 لتر من مياه البحيرة التي تتطاير في الهواء كل ثانية بسرعة 200 كيلومتر/ساعة تقريبا. ويزن الماء المنبعث من النافورة بشكل دائم في الهواء أكثر من 5 أطنان.
إذن لا تنتظر! استغل وجودك في جنيف لالتقاط صور فوتوغرافية مميزة من أمام النافورة، فهي من أهم الطقوس التي درج عليها السياح خلال زيارتهم للمدينة.
ساعة الزهور
ويتم تصوير الساعة الأكثر شهرة في جنيف يوميا من قبل مئات السياح من جميع أنحاء العالم، فهي تجمع بين التميز في صناعة الساعات في جنيف والدراية في فن البستنة.
وقد أقيمت الساعة عام 1955 تكريما لشهرة صانعي الساعات السويسريين، ويبلغ قطر هذه الساعة العملاقة 5 أمتار ومحيطها 18 مترا. وعند الاقتراب منها، ستلاحظ أن عقرب الثواني ضخم فهو يبلغ من الطول مترين ونصف المتر، مما يجعله الأطول في العالم.
تقع ساعة الزهور في قلب الحديقة الإنجليزية (الجزيرة)
وتضم ساعة الزهور -الواقعة في قلب الحديقة الإنجليزية- قرابة 12 ألف زهرة يُعاد تشكيلها وترتيبها 4 مرات كل سنة، إيذانا بتغير الفصول.
وبالإضافة لشكلها الجمالي والزخرفي، يمكنك ضبط ساعتك بالرجوع إليها، لأنها تقدم الوقت بدقة سويسرية لا مثيل لها، لأن دقتها مضمونة بفعل اتصالها الإلكتروني بالأقمار الصناعية.
ثم يمكنك التجول في الحديقة الإنجليزية، وهي أول حديقة ريفية على الطراز الإنجليزي في جنيف ويعود تاريخها إلى عام 1854. وتضم منحوتات مخصصة للفنانين الأكثر تأثيرا في تاريخ جنيف، ونصب تذكاري وطني، وهو عبارة عن تمثال لامرأتين تحملان بعضهما البعض عند الخصر، وهو ما يرمز إلى ضم جنيف إلى سويسرا في عام 1814.
متاحف جنيف
وتعتبر هذه المدينة الواقعة في الطرف الغربي لسويسرا موطنا حقيقيا للثقافة، حيث تكشف النقاب عن متاحفها المتعددة وصالات العرض التي لا تحصى طيلة السنة، بالإضافة إلى المسارح وقاعات الحفلات الموسيقية.
وتتميز جنيف بسهولة التنقل إذ يمكن زيارة المعارض من خلال الانتقال من متحف إلى آخر سيرا على الأقدام أو بالدراجة لخوض تجربة ثقافية، تجمع بين التعرف على عصر صانعي الساعات الأوائل والكنوز التاريخية.
جانب من ميناء مدينة جنيف (الجزيرة)
ومنذ افتتاحه في عام 1910، يدعوك متحف الفن والتاريخ ـوهو أكبر المتاحف في سويسراـ في رحلة عبر الزمن لاكتشاف الآثار والفنون الجميلة من خلال قرابة 650 ألف قطعة وعمل فني.
وأما متحف باتيك الذي تأسس عام 2001، فيضم إرث صناعة الساعات من جنيف أو سويسرا أو أوروبا، ويعود تاريخه للقرن الـ16، كما يضم المتحف أرقى إبداعات صانعي الساعات الرئيسيين لعلامة جنيف التجارية، ونجد أيضا مكتبة مخصصة بالكامل لهذه الصناعة العريقة.
وتعد جنيف مسقط رأس الصليب الأحمر وموطن المتحف الوحيد المخصص لأعمال أول فائز بجائزة نوبل للسلام في العالم وهو هنري دونان، ويقع المتحف الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر (MICR) مقابل قصر الأمم وتم افتتاحه عام 1988.
وإذا كنت من عشاق الهندسة المعمارية، فلا تفوت فرصة زيارة كاتدرائية سانت بيير التي خضعت لأكثر من تعديل عبر التاريخ منذ بنائها عام 1160، وتحتوي على كنوز تعود للعصور القديمة. وبعد صعود 157 خطوة، ستصل إلى قمة أبراجها للاستمتاع بإطلالة بانورامية مذهلة بزاوية 360 درجة على المدينة والبحيرة.
التنقل والإقامة
توفر بطاقة “سيتي باس” (City Pass) التنقل إلى 60 نشاطا مجانيا أو بأسعار مناسبة جدا في جنيف، سواء للصغار والكبار لمدة تتراوح من يوم إلى 3 أيام، وذلك من أجل اكتشاف المتاحف والاستمتاع بالرحلات في بحيرة ليمان الشهيرة أو بالجولات الإرشادية.
ينساب نهر الرون بالقرب من البلدة القديمة لجنيف (الجزيرة)
ومنذ 140 عاما، تبحر القوارب في أكبر بحيرة داخلية في أوروبا الوسطى (بحيرة ليمان) لتقديم رحلات يومية بين سويسرا وفرنسا.
وبالإضافة إلى سهولة التنقل بين الموانئ والقلاع، تشمل رحلة القارب مناظر طبيعية خلابة للقمم المغطاة بالثلوج لجبال الألب السويسرية وللمدن المحيطة.
وبفضل قرب المناطق السياحية من بعضها البعض، يمكنك المشي في أنحاء المدينة بسهولة أو تأجير دراجة كهربائية لاكتشاف مزارع الكروم الرائعة في جنيف بشكل مريح بصحبة مرشد خاص.
ويشهد قطاع الفنادق في جنيف رواجا كبيرا بفضل سياحة الأعمال التي تشتهر بها المدينة، لذا غالبا ما تكون ممتلئة خلال الأسبوع، وتقدم عروضا ترويجية في عطلة نهاية الأسبوع بأسعار أكثر جاذبية.
لذا ينصح دائما بمتابعة العروض المتوفرة على الإنترنت لتتمكن من العثور على خصومات في فنادق 3 أو 4 نجوم بنسبة قد تناهز 50%.
ويعتبر فندق “مانداران أوريونتال” من أجمل أماكن الإقامة بفضل موقعه في قلب جنيف على طول نهر الرون وبالقرب من البنوك، ويضم 178 غرفة وجناحا واسعا يناسب العائلات. كما أن مطعمه الياباني الفاخر “ساشي” المستوحى من التراث الآسيوي يقدم كلاسيكيات الطهي ورحلة تذوق إلى عالم من النكهات.
المطعم الياباني الفاخر “ساشي” مستوحى من التراث الآسيوي ويوجد في فندق مانداران أوريونتال (الجزيرة)
وفي البلدة القديمة المدرجة ضمن التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، ستقدم لك المطاعم ما لذ وطاب من الأطباق التي ستسافر بك إلى نكهات سويسرا الأصلية. وفي جو دافئ ومريح، يدعوك مطعم “لي أرمير” (Les Armures) الشهير ـأحد أقدم مطاعم جنيفـ للسفر عبر الزمن لاكتشاف فن الطهي السويسري، مثل الراكليت والفوندو، بأسعار مناسبة جدا.