هناك حكاية قديمة وغير متداولة كثيرا يمكنها أن تفسر مسار العلاقات بين الصين ودولة الاحتلال الإسرائيلي. بدأت الأحداث برسالة بعثها سون كي -وهو مسؤول تشريعي صيني مرموق وعضو في المجلس الأعلى للدفاع الوطني ونجل مؤسس الصين الحديثة وأول رئيس لجمهورية الصين سون يات سن- إلى مكتب الشؤون المدنية الحكومي حوت مقترحا بدا للوهلة الأولى غريبا وغير مألوف: لماذا لا تستضيف الصين اليهود الفارين من بطش النازيين في أوروبا وتقدم لهم وطنا بديلا، عوضا عن خطط البريطانيين لتوطينهم في فلسطين، التي يرفضها العرب وتثير الكثير من العنف والمواجهات الدامية؟
كان ذلك في عام 1939، والحرب العالمية الثانية تطرق أبواب العالم، وبعد نحو عامين من بداية الغزو الياباني للأراضي الصينية ضمن الحرب اليابانية الصينية الثانية. بالطبع لم يكن اقتراح سون كي نابعا من دوافع صينية خيّرة بقدر ما فرضته دواعي إستراتيجية من وجهة نظره.
وفضلا عن ذلك، اعتقد سون كي أن اللاجئين اليهود لديهم ما يقدمونه للصين اقتصاديا بفضل “خلفيتهم المالية القوية ومواهبهم العديدة”، على حد تعبيره. هذا فضلا عن الدعاية الكبيرة التي ستحصل عليها الصين في الغرب لإسهامها في حل “المعضلة اليهودية” وتوفير وطن بديل لليهود الفارين.
بحلول ذلك الوقت، كانت الصين قد استضافت بالفعل ما بين 20 و25 ألف لاجئ يهودي تركز معظمهم في شنغهاي، لكن خطط سون كي كانت أوسع من ذلك بكثير، إذ كان المسؤول الصيني يأمل استضافة 100 ألف يهودي، ليس في شنغهاي هذه المرة ولكن في مقاطعة يونان عند سفوح جبال الهيمالايا، وهي مقاطعة حدودية ذات مناخ معتدل وطبيعة خلابة وفيها ما يكفي من الأراضي الصالحة للزراعة لاستيعاب عشرات الآلاف من اللاجئين الجدد؛ مما يجعلها بمثابة “أرض الميعاد الصينية” لليهود.
بيد أن فكرة توطين اليهود في الصين لم تكن جديدة تماما، ويُعتقد أن سون كي التقطها بطريقة ما من طبيب أسنان أميركي من بروكلين يُدعى موريس ويليام سبق أن طرحها على الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين قبل 5 سنوات من اقتراح سون كي. لقد اعتقد ويليام -وهو اعتقاد وافقه أينشتاين بقوة- أن الصين هي الأمل الحقيقي الوحيد لـ”ضحايا هتلر