news-10092024-085912

عواقب الخيانة في العالم: دراسة تحليلية وتوقعات

في العاشر من أغسطس/آب، أسفر القصف الإسرائيلي على مدرسة التابعين في مدينة غزة عن قتل أكثر من 100 شخص لجؤوا إليها، بمن فيهم العديد من الأطفال. كان هذا واحدًا من 17 هجومًا مميتًا على المدارس في القطاع حدثت الشهر الماضي، بحسب الأمم المتحدة. أصبحت الأماكن المخصصة للتعليم، والتي تحولت إلى ملاجئ للنازحين، أهدافًا متكرّرة في هذه الحرب، حيث تم تمييع الفارق بين المقاتلين والمدنيين.

### تحليل عواقب الهجمات على المدارس
هذا الأسبوع، كان من المفترض أن يحتفل عشرات الآلاف من الأطفال ببدء عام دراسي جديد، ولكنهم يعيشون الآن كابوسًا يتمثل في “محو التعليم”؛ وهو مصطلح تمَّ اختراعه خصيصَى لوصف إبادة التعليم في غزة. د. كرمة النابلسي من جامعة أكسفورد صاغت هذا المصطلح خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة في 2008-2009، عندما كانت المدارس ووزارة التعليم والمباني التعليمية الأخرى أهدافًا للهجمات. اليوم، الدمار الذي لحق بالنظام التعليمي في غزة لا يمكن تصوره: قُتل الآلاف من الطلاب ومئات من المعلمين، وتم تدمير أو إلحاق الضرر بمئات المدارس على مدى الأحد عشر شهرًا الماضية.

هذا التدمير المتعمد لنظام التعليم في غزة، لا يهدد فقط مستقبل مئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، بل أيضًا النظام الإنساني الدولي، وبوصلتنا الأخلاقية المشتركة. يبدو أنّ المجتمع العالمي يتجه تدريجيًا نحو قبول ما لا يمكن قبوله. إن تطبيع العنف ضد المدارس هو مؤشّر صارخ على أزمة أعمق في قيمنا العالمية، حيث لم يعد ضمان حماية الأبرياء أمرًا مؤكدًا، وتتآكل إنسانيتنا.

### حماية الأطفال والمدنيين في النزاعات
تحدد اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية بوضوح أن مهاجمة المدارس انتهاك صريح، ومع ذلك تستمر الهجمات. وفقًا لبيانات جمعتها اليونيسيف، تم استهداف 318 مدرسة في قطاع غزة بشكل مباشر حتى السادس من يوليو/تموز. ومنذ ذلك الحين، وقعت عشرات الهجمات الأخرى.

النقاشات حول ما إذا كان الهجوم على مدرسة التابعين في 10 أغسطس/آب قانونيًا أم لا بسبب وجود مقاتلي حماس المحتملين، تفوت النقطة الجوهرية. المدارس مخصصة للتعليم. هذه الأعمال العسكرية تشكل اعتداءً مباشرًا على الحقوق الأساسية للمدنيين، وخاصة الأطفال.

إلى جانب الأضرار الواضحة على الأطفال والشباب، تؤدي تلك الهجمات – غير الضرورية – على المدارس إلى تصعيد التوترات بشكل أكبر، مما يقوض الجهود المبذولة للتوصل إلى حل عادل ودائم.

### تطبيق القانون الدولي لحماية المدنيين
قدرة المجتمع الدولي على تطبيق الحماية المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي، وخاصة اتفاقيات جنيف، تتراجع بشكل واضح. هذه القوانين، التي صادقت عليها أكثر من 190 دولة، تلزم بحماية المدنيين، بمن فيهم الأطفال، أثناء النزاعات المسلحة وتدعو إلى محاكمة المخالفين.

ومع ذلك، فشلت هذه الالتزامات في حماية الأطفال في غزة ومناطق الصراع الأخرى. وبينما تظلّ الدعوات إلى اتخاذ إجراءات فورية، مثل: وقف إطلاق النار، والمساعدات الإنسانية، ضرورية، فإنها ليست بديلًا عن الإجراءات الحاسمة لتطبيق أحكام القانون الدولي.

### الخيانة للمبادئ الدولية
عندما يتسامح المجتمع الدولي مع انتهاكات القانون الدولي على مدى شهور وسنوات، فإنه يقوم بتطبيع تدريجي يؤدي في النهاية إلى إضعاف المعايير العالمية، مما يجعل الأفعال التي كانت غير مقبولة في السابق تبدو قابلة للتسامح. عندما يصبح استهداف المدارس مقبولًا بشكل متزايد، يحدث خيانة جوهرية للمبادئ الأساسية للنظام القانوني الدولي وحماية المدنيين.

الخيار أمامنا واضح: إما أن نتحرك بحزم لدعم مبادئ القانون الإنساني وحماية الأبرياء، أو نسمح بتواصل تآكل قيمنا المشتركة دون مراقبة. لا يمكن للعالم أن يبقى غير مبالٍ، لأن تكلفة عدم التحرك تقاس بحياة ومستقبل الأطفال.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.