زيادة العنف السياسي في الانتخابات الأميركية: الأسباب والتداعيات
مع اقتراب الانتخابات الأميركية من المرحلة النهائية، تشهد الولايات المتحدة زمناً من الصراعات التاريخية والانقسامات السياسية والاتهامات الحزبية. تبدأ الأمور في الوصول إلى ذروتها مع سرقة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس للأضواء من خصمها دونالد ترامب، وهي الشخصية التي استولت على الاهتمام بالمنافسة نحو البيت الأبيض. ومع محاولة اغتيال الرئيس السابق في ثانية خلال شهرين، يظهر تصاعد العنف السياسي في الولايات المتحدة بشكل لم يسبق له مثيل، مما يعكس حدة اللغة في الحملات الانتخابية.
الخطاب السياسي الحاد
يلاحظ جارفيس ستيوارت، كبير المستشارين لوزير العمل الأميركي ومدير المووظفين للنائب الديمقراطي السابق هارولد فورد، أن الولايات المتحدة تعاني من فترة اضطرابات سياسية حادة، ويصف هذا الأمر بأنه محزن ومثير للقلق، مؤكداً أن بعض الأميركيين قد نسوا أنهم يعيشون في دولة تحل الخلافات عبر الاقتراع. ويضيف: “تتخذ بعض الأطراف الخيار في استخدام الكلمات العنيفة والانخراط في الاضطرابات السياسية، مما أدى إلى حدوث محاولتين لاغتيال الرئيس السابق خلال الأشهر الأخيرة”.
من جهته، يشير جون بينيت، مراسل البيت الأبيض في صحيفة “CQ Rollcall”، إلى تصاعد لهجة الخطاب السياسي الحالية وتغييرها مقارنة بالسابق. ويقارن بينيت بين لهجة العنصرية التي شهدها سباق الرئيس السابق باراك أوباما، والتي تم منعها من قبل منافسيه الجمهوريين، وما يجري الآن. ويلاحظ: “الجانبان في الحملات الحالية انخرطا في لغة عنيفة. بايدن وهاريس يحذران من تهديد ترامب على الديمقراطية، بينما يلوم ترامب هاريس وبايدن في محاولة الاغتيال الثانية”.
أزمة السلاح أم الاضطراب الاجتماعي؟
يسلط ستيورات الضوء على مشكلة السلاح في الولايات المتحدة، معتبراً أنها تسهم في تفاقم المشكلة. ويقول: “لدينا مشكلة بالسلاح في هذا البلد ينتقدها العالم الآخر، حيث يعتمد العنف على استخدام الأسلحة. السلاح أصبح وسيلة سهلة لحل الصراعات، ولكن يجب ألا تكون كذلك”.
يوافق بينيت على هذه النقطة، مشيراً إلى سهولة الحصول على الأسلحة في الولايات المتحدة. ويضيف: “الشعب الأميركي يمتلك أسلحة أكثر من عناصر الخدمة السرية، وهذا يثير قلقي. كيف يمكن للخدمة السرية مواجهة كل من يحاول استخدام السلاح؟ هذا ما يقلقني، ويجب معرفة ما هي الموارد التي تحتاجها الخدمة السرية”.
من ناحية أخرى، يرى دوناديو أن مشكلة العنف تعتبر مشكلة اجتماعية، ويقول: “عندما نلجأ إلى السلاح لحل المشكلات، نكشف عن الجذور الحقيقية للمشكلة. سواء كان السلاح مسدساً أو سكيناً أو سيارة، العنف في المجتمع هو المشكلة الأساسية”.
الخدمة السرية ونقص الموارد
يركز دوناديو على نقص الموارد البشرية في صفوف الخدمة السرية، مشيراً إلى ضرورة زيادة دعمها لمواجهة التهديدات المتنامية. ويقول: “الخدمة السرية بحاجة إلى المزيد من العناصر وطرق أفضل لكشف التهديدات”.
يشدد ستيورات على أهمية توفير مستوى حماية متساوٍ لجميع المرشحين الرئاسيين، ويحذر من التداعيات الخطيرة لأي حادث استهداف محتمل، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى أزمة وطنية. ويقول: “لا ينبغي أن نتفاجأ بحدوث محاولة اغتيال ثالثة، هناك أشخاص يسعون للشهرة والثراء من خلال مهاجمة الشخصيات السياسية”.
يرى بينيت أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون سلاحاً ذو حدين، ويجب توخي الحذر في استخدامها. ويختتم بينيت بتحذير: “العالم يراقبنا، ويجب أن نكون حذرين في التعامل معه، وأن نعرف كيفية استخدام الوسائل الرقمية بحذر”.
في النهاية، يتفق الخبراء على ضرورة تعزيز الدعم للخدمة السرية وتوفير الموارد الكافية لمواجهة التحديات المتنامية في زمن مليء بالتوترات والانقسامات. ويشددون على أهمية العمل المشترك لضمان سلامة المرشحين واستمرارية العملية الديمقراطية في الولايات المتحدة.