تعد قضية التلوث في خليج إزمير التركي من القضايا البيئية الملحة التي تهدد النظام البيئي البحري في المنطقة الواقعة في بحر إيجه، والتي انعكست آثارها على عدد من المناطق السكنية الواقعة على ساحل المدينة.
شهد الخليج تفاقما واضحا في مستويات التلوث مؤخرا، مما أدى إلى ظواهر مثل نفوق الأسماك وانبعاث روائح كريهة على طول الساحل، الأمر الذي دفع وزارة البيئة والتحضر وتغير المناخ التركية إلى تشكيل لجنة تعمل حاليا على وضع خطة تحرك طارئة، بالتزامن مع تعاون عدد من العلماء والباحثين من جامعات مختلفة في مشاريع تهدف إلى مواجهة هذه المشكلة البيئية الخطيرة.
جهود علمية
وقد تمكن فريق من الباحثين تابع لجامعة مانيسا جلال بايار وجامعة يلدز التقنية من استخدام تقنيات التصوير الفضائي المتقدمة لرسم خريطة للتلوث في خليج إزمير.
وجاءت هذه المبادرة استجابة للحادث المفاجئ الذي وقع في أغسطس/آب الماضي، حين جرفت المياه كميات كبيرة من الأسماك النافقة إلى شاطئ الخليج، مما أدى إلى انبعاث روائح كريهة تضرر منها سكان عدد من المناطق المحيطة، وبالأخص منطقتي بايراكلي وكارشياكا.
واستخدم الباحثون منصة “غوغل إيرث إينجين” لكتابة أكواد لتحليل صور القمر الصناعي “سينتنيل”، بالاعتماد على تقنيات الاستشعار عن بعد، لتصنيف الأشعة الضوئية المنعكسة من سطح البحر، مما يسمح بالكشف السريع عن التغيرات الناجمة عن التلوث ورصد أماكنه بدقة.
وقال الفريق إنه تمكن من مراقبة وجود العوالق النباتية والطحالب من خلال قياس كثافة الكلوروفيل “إي” في المسطحات المائية للخليج، عبر قياس مؤشر التمايز المعياري للكلوروفيل والذي يرمز إليه اختصارا بـ”إن دي سي آي”.
أسباب وتداعيات
وعن أسباب تلوث مياه خليج إزمير، يقول إيلجاز فقيه أوغلو، الباحث الأكاديمي وعضو هيئة الصحافة الرقمية بإزمير، إنه من خلال متابعتهم لهذا الملف، فإن التلوث الحاصل يرجع إلى عدد من العوامل، منها سوء إدارة تصريف مياه الصرف الصحي، خاصة أن استمرار تدفق المياه غير المعالجة إلى الخليج يفاقم المشكلة ويهدر الجهود التي يتم بذلها لمواجهتها أو الحد من تداعياتها.
فقيه أوغلو: هناك حاجة لمضاعفة الجهود التي تقوم بها الدولة لمواجهة الكارثة (الجزيرة)
وأشار فقيه أوغلو، في حديثه إلى الجزيرة نت، إلى أنه على الرغم من أهمية المشاريع التي تنفذها الدولة واللجان العلمية التي تنشئها، فإن هناك حاجة إلى ضخ المزيد من الاستثمارات والتنسيق الأفضل مع الإدارات المحلية من أجل التوصل إلى حل دائم على المدى الطويل.
ويضيف الباحث “حتى يمكن التوصل إلى حل جذري لهذه الكارثة البيئية، يجب زيادة قدرة مرافق معالجة مياه الصرف الصحي بشكل عاجل، كما أن هناك ضرورة لاستكمال أنظمة فصل مياه الأمطار، التي تصب في الخليج جالبة معها مخلفات الحقول الزراعية المحيطة به، والمحملة بالأسمدة الكيميائية”.
وبالإضافة لما سبق، أشار عدد من الخبراء إلى مسألة تصريف عدد من الأنهار التي تصب في الخليج، بما تحمله مياهها من رواسب وملوثات من المناطق الحضرية والصناعية، وذلك في ضوء حقيقة ضعف سريان المياه بالخليج والضحالة التي تتسم بها.
وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى حدوث ظواهر مثل زيادة الطحالب السامة التي تضر بالبيئة البحرية، حيث تستنفد كميات الأكسجين الموجودة بالمياه فتنفق الأسماك والأحياء البحرية ويسفر عن ذلك انبعاث الروائح الكريهة.
ووفقا لأحدث التقارير، فقد انخفضت مستويات الأكسجين في مياه الخليج إلى أقل من 1.8 ملليغرام لكل لتر في العديد من المواقع، وفي أماكن أخرى وصلت إلى الصفر، مما يشكل تهديدا خطيرا للنظام البيئي البحري به.
ويقع خليج إزمير على الساحل الغربي لتركيا، وهو جزء من بحر إيجه، ويشكل مدخلا مائيا رئيسيا لمدينة إزمير، ثالثة كبرى مدن تركيا، ويمتد الخليج على طول ساحلها الشمالي ويتصل به العديد من الأنهار والوديان.